احتفالات ختم القرآن الكريم في ليلة القدر تُغطي على احتفالات الاوسكار!
لا تتسرع عزيزي القارئ، فلا يوجد في أيامنا هذه احتفالات تقام بمناسبة ليلة القدر؛ حيث أننا نصف احتفالا أقيم قبل 850 سنة تقريبا!
احتفالات ختم القرآن الكريم قبل 850 عام
سنضطر الى الاقتباس من المشاهدات الشخصية للرحالة العربي المسلم ابن جبير حيث زار مكة المكرمة في عام 579 هجرية يقول ابن جبير:
“ثم كانت ليلة سبع وعشرين وهي ليلة الجمعة…… ووقع النظر والاحتفال هذه الليلة المباركة قبل ذلك بيومين أو ثلاثة وأقيمت ازاء حطيم إمام الشافعية خشب عظام بائنة الارتفاع موصول بين كل ثلاث منها باذرع من الأعواد الوثيقة فاتصل منها صف كاد يمسك نصف الحرم عرضا ووصلت بالحطيم المذكور.
ثم عرضت بينها الواح طوال مدت على الاذرع المذكورة وعلت طبقة منها طبقة اخرى حتى استكلمت ثلاث طبقات فكانت الطبقة العليا منا خشبا مستطيلة مغروزة كلها مسامير محددة الاطراف لاصقا بعضها ببعض كظهر الشهيم نصب عليها الشمع والطبقتان تحتها ألواح مثقوبة ثقبا متصلا وضعت فيها زجاجات المصابيح ذوات الأنابيب المنبعثة من أسافلها.
وتدلت من جوانب هذه الألواح والخشب ومن جميع الاذرع المذكورة قناديل كبار وصغار وتخللها اشباه الاطباق المبسوطة من الصفر قد انتظم كل طبق منها ثلاث سلاسل تقلها في الهواء وخرقت كلها ثقبا ووضعت فيها الزجاجات ذوات الانابيب من اسفل تلك الاطباق الصفرية لا يزيد منها انبوب من انبوب في القد واوقدت فيها المصابيح، فجاءت كأنها موائد ذوات ارجل كثيرة تشتعل نورا.
ووصلت بالحطيم الثاني الذي يقابل الركن الجنوبي من قبة زمزم خشب على الصفة المذكورة اتصلت إلى الركن المذكور وأوقد المشعل الذي في رأس فحل القبة المذكورة وصففت طرة شباكها شمعا مما يقبل البيت المكرم.
وحف المقام الكريم بمحراب من الاعواد المشرجبة المخرمة محفوفة الاعلى بمسامير حديدة الاطراف على الصفة المذكورة جللت كلها شمعا وصفت عن يمين المقام ويساره شمع كبير الجرم في أنوار تناسبها كبرا وصفت تلك الانوار على الكراسي التي يصرفها السدنة مطالع عند الايفاد وجلل جدار الحجر المكرم كله شمعا في أنوار من الصفر فجاءت كأنها دائرة نور ساطع واحدقت بالحرم المشاعيل واوقد جميع ما ذكر.
وأحدق بشرفات الحرم كلها صبيان مكة وقد وضعت بيد كل واحد منهم كرة من الخرق المشبعة سليطا فوصفوها متقدة في رؤوس الشرفات وأخذت كل طائفة منهم ناحية من نواحيها الاربع فجعلت كل طائفة تبارى صاحبتها في سرعة ايقادها فيخيل للناظر ان النار تثب من شرفة إلى شرفة لخفاء اشخاصهم وراء الضوء المرتمي الابصار وفي اثناء محاولتهم لذلك يرفعون اصواتهم بيارب يا رب على لسان واحد فيرتجج الحرم لاصواتهم.
فلما كمل ايقاد الجميع بما ذكر كاد يغشى الابصار شعاع تلك الانوار فلا تقع لمحة طرف الا على نور تشغل حاسة البصر عن استمالة النظر فيتوهم المتوهم لهول ما يعانيه من ذلك ان تلك الليلة المباركة نزهت لشرفها عن لباس الظلماء فزينت بمصابيح السماء وتقدم القاضي فصلى فريضة العشاء الاخرة ثم قام وابتدأ بسروة القدر وكان ايمة الحرم في الليلة قبلها قد انتهوا في القراءة اليها وتعطل في تلك الساعة سائر الايمة من قراءة التراويح تعظيما لختمة المقام وحضروا متبركين بمشاهدتها.”
هل نجد رساما يعيد رسم هذا الاحتفال 3D
لو أعدنا رسم هذه الاحتفال المهيب لأدركنا لماذا يبتعد العوام عن المشاركة في الاحتفالات الدينية اليوم ولماذا تجذبهم الاحتفالات بتوزيع جوائز الافلام والغناء والرقص.
كلماتنا
نحتاج في عصرنا الحالي إلى الإبداع والتغيير في طريقة الاحتفالات الدينية، وبعض الفتاوى قد تحد أحيانا من الإبداع المطلوب ولعل هذا الوصف الرائع من ابن جبير يحفز البعض على الابتكار واقتراح شيئا جديدا يجذب عموم الناس.