سوف نتناول في مدونة كلماتنا مجموعة من الشبهات ونتناول الردود عليها، سنتحدث اليوم حول السؤال الوجودي: لماذا خلقنا الله سبحانه وتعالى وأعطانا العقل والقدرة على اختيار طريق الإيمان والكفر، وأرسل لنا الرسل والأنبياء ليبينوا لنا الخير والشر، ولم لم يجعلنا كالملائكة نعبد الله ولا نعصيه أبدًا؟
لماذا خلقنا الله ؟
بداية، خلقنا الله سبحانه وتعالى لعبادته قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} وجعل جزاء من عبده وأطاعه الجنة وجزاء من عصاه النار.
هكذا تظهر حكمة الله وعفوه ورحمته وغضبه وسخطه وعذابه، وغير ذلك من صفاته سبحانه التي تتجلى في خلق الإنسان والجان على الحال الذي هما عليه من العقل والشهوة، حيث إن الله تعالى قد خلق الأحياء على ثلاثة أصناف:
الأول: عقل بلا شهوة
فصنف ركب الله لهم عقلاً ولم يركب لهم شهوة وهم الملائكة، وهم مجبولون على الطاعة ولا يعصون الله ما أمرهم.
الثاني: شهوة بلا عقل
وصنف ركب الله لهم شهوة ولم يركب لهم عقلاً وهي البهائم، وهم غير مكلفين فلا يحاسبون وليس لهم جزاء جنة أو نار.
الثالث: عقل وشهوة
وصنف ركب الله لهم عقلاً وشهوة وهم الإنس والجن، فمن غلب عقله شهوته فهو على رأس قائمة الأحياء واستحق التكريم الذي قال عنه الله سبحانه وتعالى:} وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً{لأن الملائكة تطيع الله بجبلتها ولا تحتاج إلى مجاهدة الشهوة من أجل الطاعة بخلاف الإنس والجن، ومن غلبت شهوته عقله فهو أدنى من البهائم لأن البهائم لا عقل لها يحجزها عن الشهوة، قال الله تعالى: }وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ{.
ولا بد من الإشارة إلى أن الجن خلق قبل الإنسان، ولكن وقع اختيار الله على الإنسان ليعمر الأرض وينشر الرسالة الإلهية فيها قال تعالى: }وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {.
وعندما خلق الله آدم قال سبحانه وتعالى للملائكة: }وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا{وذلك أنه إبليس كان قد توسم بأفعال الملائكة وتشبه بهم، وتعبد وتنسك، فلهذا دخل في خطابهم، وعصى بالمخالفة .
والخلاصة:
ما الحاجة لخلق البشر مثل الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم؛ حيث اقتضت حكمة الله خلق الأصناف الثلاثة، ومن آمن بالله خالقا فلا يسأل ربه هذه الأسئلة قال سبحانه: }لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ{ فهل رأيت سيارة مثلا تسأل صانعها الإنسان لماذا جعل لها عجلات دائرية وليست مربعة؟