واجهت الدولة العثمانية في بداية تشكلها ولغاية آخر يوم في عمرها العديد من الفتن والمشاكل والحروب الداخلية، والحروب الخارجية، حتى أن الباحث ليستغرب حقا كيف تمكنت هذه الدولة من الصمود ما يزيد عن 600 سنة.
أولا: التهديدات الداخلية
أبرز ما واجهته ما يلي:
- الصراع مع الامارات التركمانية الأخرى في الأناضول.
- مشكلة وراثة الحكم: وتعد من أبرز المشكلات التي واجهت الدولة العثمانية على مدار قرون، وربما يرجع ذلك إلى غياب قواعد صارمة بخصوص انتقال الحكم من السلطان لأحد أبنائه أو أخوته، ولم يتم الالتزام بتولية الابن الأكبر دائما، فالمؤسس عثمان كان أصغر أخوته، وخلفه ابنه أورخان وكان أصغر من أخيه علاء الدين، مثلما أوصى السلطان بيازيد الثاني بأن يأتي ابنه أحمد من بعده، ولم يكن أكبر أولاده، ولذلك فقد شهد تاريخ الدولة العثمانية خلافات دامية بين الأمراء بشأن العرش.
- نظام القفص: يرى المؤرخ إسماعيل حقي تشارشيلي في كتابه “تشكيلات السراي” أن الأمراء كانوا يشاركون في إدارة الدولة العثمانية في المرحلة الأولى من عمر الدولة، حيث كان يتم إرسالهم لإدارة السناجق كتدريب على إدارة الدولة فيما بعد، حيث يكتسب الخبرة الكافية للحكم، وبسبب تزايد الصراع بين الأخوة والأعمام، وحتى لا يضطر السلطان إلى قتل أخوته الذين ينازعونه العرش، فقد تم اللجوء إلى نظام القفص” بأنه حبس للأمراء داخل جناح في الحرم، ووضع رقابة عليهم، ويؤكد أنه لا توجد معلومات تاريخية محددة في الفترة الأولى من تطبيق هذا التقليد حتى عهد القرن الـ17، كما يرى الباحث نفسه أنه بعد ذلك التاريخ، أصبح معروفًا أن الأمراء المتنافسين على العرش، كان يُوضع كل واحد منهم في جناح خاص به، ويُمنع اللقاء بينهم.
- الصراعات الداخلية في البيت العثماني: ومنها اضطرار عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة لقتل عمه دوندار الذي كان طرفا في مؤامرة دبرها الحاكم البيزنطي “بيله جك” بغرض اغتيال عثمان وصعود دوندار إلى السلطة.
- تكرر الأمر ذاته مع السلطان مراد الأول بن أورخان ثالث سلاطين الدولة، والذي قيل عنه أنه قتل ابنه “ساوجي” خوفا على عرشه دون إبداء السبب الحقيقي لقتله، وهو أن ساوجي تآمر سرا مع الأمير البيزنطي “أندرو نيقوس” للقضاء على السلطان العثماني، وكان ذلك في وقت يواجه فيه مراد الأول تحديات ضخمة واجتماع جيوش أوروبية عديدة لقتاله، وتمركز ساوجي مع حليفه البيزنطي على رأس جيش في مكان ليس ببعيد عن القسطنطينية، وفر الجيش البيزنطي وقُبض على ساوجي، وجمع والده السلطان العلماء للحكم عليه، وأجمعوا على قتله بسبب خيانته.
- وقام أيضا السلطان مراد الثاني بمواجهة عمه مصطفى، حيث أن الأخير قد استدعاه إيمانويل الثاني إمبراطور بيزنطة، وأمده بالجيش والسلاح لقتال الدولة العثمانية واستولى بالفعل على مدينة وميناء غاليبولي، فسار إليه السلطان مراد بجيشه وهزمه وقام بإعدامه.
- وبعد وفاة السلطان بايزيد الأول في أسر تيمورلنك المغولي؛ حيث تجزأت الدولة إلى عدّة إمارت صغيرة، وأعاد تيمورلنك إلى أمراء قسطموني وصاروخان وكرميان وآيدين ومنتشا وقرمان ما فقدوه من البلاد، ونشب الصراع أولاد بايزيد، وتمكن مُحمَّد چلبي من اعتلاء عرش الدولة العُثمانيَّة بعد فترة صراعٍ بينه وبين إخوته دامت نحو 11 سنة (804 – 816هـ \ 1402 – 1413م)، عُرفت باسم «عهد الفترة»، وهي فترة عقيمة في التاريخ العُثماني، إذ لم تحصل فيها توسُّعات وفُتُوحات ولم يعمل العُثمانيُّون على استرداد ما سلبهم إيَّاه تيمورلنك بعد أن هزمهم في واقعة أنقرة، بل ادَّعى كُلُّ ابنٍ من أبناء بايزيد الأوَّل: سُليمان وعيسى وموسى ومُحمَّد، الأحقيَّة لِنفسه في خِلافة أبيه، وتنازعوا بينهم أشلاء الدولة المُمزقة رُغم تربُّص الأعداء بهم من كُل جانب، إلَّا أنَّ النصر كان من نصيب مُحمَّد في نهاية المطاف، فانفرد بِمُلك ما تبقَّى من بلاد آل عُثمان، وكانت مُدَّة حُكمه كُلُّها حُروبًا داخليَّةً لِإرجاع الإمارات التي استقلَّت في مُدَّة الفوضى التي أعقبت موت السُلطان بايزيد في الأسر.
- وبعد موت السلطان محمد الفاتح تنازع ابناه “جم” و”بايزيد” الثاني على العرش، ولكن الغلبة كانت من نصيب بايزيد، ففر جم إلى مصر حيث احتمى بسلطان المماليك “قايتباي”، ثم إلى رودس؛ حيث حاول أن يتعاون مع فرسان القديس يوحنا والدول الغربية على أخيه، لكن بايزيد استطاع إقناع دولة الفرسان بإبقاء الأمير جم على الجزيرة مقابل مبلغ من المال، وتعهد بأن لا يمس جزيرتهم طيلة فترة حكمه، فوافقوا على ذلك، لكنهم عادوا وسلموا الأمير إلى البابا “إنوسنت الثامن” كحل وسط، وعند وفاة الأخير قام خليفته بدس السم للأمير بعد أن أجبره الفرنسيون على تسليمهم إياه، فتوفي في مدينة ناپولي، ونقل جثمانه فيما بعد إلى بورصة ودُفن فيها.
- في أواخر عهد بايزيد الثاني دبّ النزاع بين أولاده بسبب ولاية العهد؛ ذلك أن بايزيد اختار ابنه أحمد لخلافته، فغضب ابنه الآخر سليم، وأعلن الثورة على والده، وكان لثورة سليم أسباب سياسية ومذهبية وتجارية وعرقية، ذلك أن الصفويين كانوا يعملون على نشر المذهب الشيعي في الأناضول على حساب المذهب السني، وقطعوا طريق التجارة مع الهند والشرق الأقصى، ومنعوا نزوح المزيد من قبائل التركمان من آسيا الوسطى إلى الأناضول وأوروبا الشرقية، وكان الشاه إسماعيل يدعم الأمير أحمد للوصول إلى سدة الحكم ولم يحرك الأخير ساكنًا لمنع التدخل الصفوي في الشؤون العثمانية؛ نتيجة لكل ما سلف ثار سليم على والده وشقيقه، ثم استولى على أدرنة، فما كان من بايزيد إلا أن انبرى لقتال ابنه سليم، فهزمه وقرر نفيه، لكن الجنود الإنكشارية قاموا بالضغط على السلطان، وأرغموه على التنازل عن العرش لصالح ابنه سليم.
- قانون قتل الإخوة: تعتبر المادة المعروفة بقانون قتل الإخوة المنسوبة إلى السلطان محمد الفاتح والتي تجيز للسلطان تصفية الأمراء المنافسين بالاتفاق مع العلماء، أبرز أهم القضايا التي ثار حولها الجدل، وعلى الرغم من أن بعض المؤرخين قد نفوا نسبة هذا القانون للسلطان الفاتح، إلا أن المؤرخ التركي البروفيسور أحمد آق كوندز، قد رجح ثبوت هذه المادة في قانون الفاتح ، إلا أنه قد أوضح أن القانون مقيد بإيقاعه بحق من يعلن العصيان ويحاول مغالبة السلطان بالسلاح للاستيلاء على الحكم أو التعاون مع أعداء الدولة، وله مرتكز شرعي فقهي، وهو مسألة الخروج المسلح على الحاكم الشرعي ولو كان من إخوته.
- الانكشارية سر قوة الدولة العثمانية وسبب ضعفها: تأسست قوات الانكشارية في عهد السلطان مراد الأول (1362-1389) وكان للانشكارية تنظيم خاص بهم ، بثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، وكانوا أقوى فرق الجيش العثماني وأكثرها نفوذاً. وكان أفراد الانكشارية من أسرى الحروب من الغلمان الذين يتم فصلهم عن ذويهم وأصولهم، ويتم تربيتهم تربية إسلامية، على أن يكون السلطان والدهم الروحي، وأن تكون الحرب صنعتهم الوحيدة. كانت الانكشارية تعد من أقوى الجيوش الأوربية والعالمية فعندما حاولت إسبانيا احتلال هولندا فطلب ملك هولندا وقتها المساعدة من السلطان سليمان القانوني فأرسل له أربعين بدلة من لباس الجيش الإنكشاري ليلبسها الجنود الهولنديون في المعركة وعندما شاهدها الأسبان ظنوا أن العثمانيين يحاربون بجانب الهولنديين فتوقفت اعتداءاتهم ثلاثين عاما.
- طغيان الانكشارية: غير أن هذه الأهمية الكبيرة لفرقة الانكشارية تحولت إلى مركز قوة نغص حياة الدولة العثمانية، وعرضها لكثير من الفتن والقلاقل، وبدلاً من أن ينصرف زعماء الانكشارية إلى حياة الجندية التي جبلوا عليها –راحوا يتدخلون في شؤون الدولة، ويزجون بأنفسهم في السياسة العليا للدولة وفيما لا يعنيهم من أمور الحكم والسلطان؛ فكانوا يطالبون بخلع السلطان القائم بحكمه ويولون غيره، ويأخذون العطايا عند تولي كل سلطان جديد، وصار هذا حقًا مكتسبًا لا يمكن لأي سلطان مهما أوتي من قوة أن يتجاهله، وإلا تعرض للمهانة على أيديهم.
- وقد بدأت ظاهرة تدخل الانكشارية في سياسة الدولة منذ عهد مبكر في تاريخ الدولة، غير أن هذا التدخل لم يكن له تأثير في عهد سلاطين الدولة العظام؛ لأن قوتهم كانت تكبح جماح هؤلاء الانكشاريين، حتى إذا بدأت الدولة في الضعف والانكماش بدأ نفوذ الانكشاريين في الظهور، فكانوا يعزلون السلاطين ويقتلون بعضهم، مثلما فعلوا بالسلطان عثمان الثاني حيث عزلوه عن منصبه، وقتلوه سنة 1622، وفعلوا مثل ذلك مع السلطان إبراهيم الأول، فقاموا بخنقه سنة 1648، محتجين بمعاداته لهم، وامتدت أفعالهم إلى القتل أحيانا أو العزل .
- ولم يكن سلاطين الدولة في فترة ضعفها يملكون دفع هذه الشرور أو الوقوف في وجهها، فقام الانكشاريون بقتل حسن باشا على عهد السلطان مراد الرابع سنة (1042 هـ=1632 م) . ووقفوا أمام السلطان محمود الثاني عندما أراد أن يحدث جيشه وأقاموا التمرد واضطر السلطان إلى تأجيل محاولته لوقت لاحق .
- محاولة إصلاح الفيالق الانكشارية: لما ضعفت الدولة العثمانية وحلت بها الهزائم، وفقدت كثيرًا من الأراضي التابعة لها، لجأت إلى إدخال النظم الحديثة في قواتها العسكرية حتى تساير جيوش الدول الأوروبية في التسليح والتدريب والنظام، وتسترجع ما كان لها من هيبة في أوروبا، وتسترد مكانتها التي بنتها على قوتها العسكرية. لكن الانكشارية عارضت إدخال النظام الجديد في فيالقهم، وفشلت محاولات السلاطين العثمانيين في إقناعهم بضرورة التطوير والتحديث، ولم تنجح محاولات الدولة في إغرائهم للانضمام إلى الفرق العسكرية الجديدة، وقبول المعاش الذي تقرره الدولة لمن يرفض هذا النظام. ولم يكتف الانكشاريون بمعارضة النظام الجديد، بل لجئوا إلى إعلان العصيان والتمرد في وجوه السلاطين، ونجحوا في إكراه عدد من السلاطين على إلغاء هذا النظام الجديد.
- السلطان محمود الثاني يلغي الفيالق الانكشارية: بعد تولي السلطان محمود الثاني سلطنة الدولة العثمانية سنة 1808 أيد تطوير الجيش العثماني وضرورة تحديثه بجميع فرقه وأسلحته بما فيها الفيالق العسكرية، فحاول بالسياسة واللين إقناع الانكشارية بضرورة التطوير وإدخال النظم الحديثة في فرقهم، حتى تساير باقي فرق الجيش العثماني، لكنهم رفضوا عرضه.
- فحاول أن يلزم الانكشارية بالنظام والانضباط العسكري، وملازمة ثكناتهم في أوقات السلم، وضرورة المواظبة على حضور التدريبات العسكرية، وتسليحهم بالأسلحة الحديثة، وعهد إلى مصطفى باشا البيرقدار بتنفيذ هذه الأوامر. غير أن هذه المحاولة لم تنجح وقاوموا رغبة السلطان وتحدوا أوامره، وقاموا بحركة تمرد واسعة وثورة جامحة كان من نتيجتها أن فقد حياته.
- لم تنجح محاولة السلطان الأولى في فرض النظام الجديد على الانكشارية، وصبر على عنادهم، وإن كانت فكرة الإصلاح لم تزل تراوده، وازداد اقتناعًا بها بعد أن رأى انتصارات محمد علي المتتابعة، وما أحدثته النظم الجديدة والتسليح الحديث والتدريب المنظم في جيشه، وطال صبر السلطان ثمانية عشر عامًا حتى عزم مرة أخرى على ضرورة إصلاح نظام الانكشارية؛ فعقد اجتماعًا في (19 من شوال 1241 هـ=27 أيار/مايو 1826) في دار شيخ الإسلام، حضره قادة أسلحة الجيش بما فيهم كبار ضباط فيالق الانكشارية، ورجال الهيئة الدينية وكبار الموظفين، ونوقش في هذا الاجتماع ضرورة الأخذ بالنظم العسكرية الحديثة في الفيالق الانكشارية، ووافق المجتمعون على ذلك، وتلي مشروع بإعادة تنظيم القوات الانكشارية، وأصدر شيخ الإسلام فتوى بوجوب تنفيذ التعديلات الجديدة، ومعاقبة كل شخص تسول له نفسه الاعتراض عليها.
- نهاية فيالق الانكشارية: غير أن الانكشارية لم يلتزموا بما وافق عليه الحاضرون في هذا الاجتماع؛ فأعلنوا تمردهم وانطلقوا في شوارع إسطنبول يشعلون النار في مبانيها، ويهاجمون المنازل ويحطمون المحلات التجارية، وحين سمع السلطان بخبر هذا التمرد عزم على وأده بأي ثمن والقضاء على فيالق الانكشارية، فاستدعى السلطان عدة فرق عسكرية من بينها سلاح المدفعية الذي كان قد أعيد تنظيمه وتدريبه، ودعا السلطان الشعب إلى قتال الانكشارية.
- وفي صباح يوم 9 من ذي القعدة 1241 هـ=15 حزيران/يونيو 1826 خرجت قوات السلطان إلى ميدان الخيل بإسطنبول وكانت تطل عليه ثكنات الانكشارية، وتحتشد فيه الفيالق الانكشارية المتمردة، ولم يمض وقت طويل حتى أحاط رجال المدفعية الميدان، وسلطوا مدافعهم على الانكشارية من كل الجهات، فحصدتهم، بعد أن عجزوا عن المقاومة، وسقط منهم ستة آلاف جندي انكشاري.
- وفي اليوم الثاني من هذه المعركة التي سميت بـ”الواقعة الخيرية” أصدر السلطان محمود الثاني قرارًا بإلغاء الفيالق الانكشارية إلغاءً تامًا، شمل تنظيماتهم العسكرية وأسماء فيالقهم وشاراتهم، وانتهى بذلك تاريخ هذه الفرقة التي كانت في بدء أمرها شوكة في حلوق أعداء الدولة العثمانية.
- تمرد القوميات غير التركية وخاصة غير المسلمة بتشجيع الدول الاستعمارية: إن التنوع الهائل في العرق واللغة والاقتصاد والجغرافيا، لم يكن يناسب المجتمعات المتجانسة الحديثة، ودرجت الشعوب المختلفة التي كانت جزءا من الإمبراطورية، على التمرد بشكل مضطرد. وبحلول سبعينيات القرن التاسع عشر، اضطرت الدولة العثمانية أن تسمح لبلغاريا ودول أخرى بالاستقلال الذي كان مصحوبا بالتنازل عن المزيد من الأراضي، وبعد خسارتها حروب البلقان بين عامي 1912 و1913 أمام تحالف ضم بعض ممتلكاتها الإمبراطورية السابقة، اضطر العثمانيون للتخلي عن كل مما تبقى من أراضيهم الأوروبية.
- الطابع الزراعي: في الوقت الذي اجتاحت فيه الثورة الصناعية أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ظل الاقتصاد العثماني يعتمد على الزراعة.
- كانت الدولة العثمانية تفتقر إلى المصانع لمواكبة بريطانيا العظمى وفرنسا وحتى روسيا، وفقا لما قاله الأستاذ المشارك في دراسات الشرق الأدنى بجامعة “برينستون” مايكل أي. رينولدز. ونتيجة لذلك، كان النمو الاقتصادي للدولة ضعيفا، والفائض الزراعي الذي كانت تنتجه الدولة كان يذهب لسداد قروض الدائنين الأوروبيين.
- وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، لم يكن لدى الدولة العثمانية الخبرة الصناعية الكافية لإنتاج الأسلحة الثقيلة والذخيرة والحديد والصلب، اللازمة لبناء خطوط السكك الحديدية لدعم المجهود الحربي.
- التعليم: على الرغم من الجهود المبذولة لتحسين التعليم في القرن الثامن عشر، فإن الدولة العثمانية تخلفت عن منافسيها الأوروبيين في مجال محو الأمية، رغم وجود عدد من الجامعات والمدارس المتخصصة في ولاياتها.
- ويشير رينولدز بقوله: “إن الموارد البشرية للدولة العثمانية مثل الموارد الطبيعية، كانت نسبيا غير متطورة”، مضيفا أن هذا يعني أن الإمبراطورية كانت تعاني من نقص في عدد الضباط العسكريين المدربين تدريبا جيدا، وكذلك المهندسين والكتاب والأطباء والمهن الأخرى.
- صعود المفهوم الغربي للقومية: تسبّب صعود المفهوم الغربي للقومية في ظل الدولة العثمانية في انهيار مفهوم الملّة العثماني في نهاية المطاف. كان فهم مفهوم بناء الأمّة السائد في الدولة العثمانية، والذي كان مختلفًا عن المفهوم الحالي إذ كان يتمحور حول الدين، عاملًا رئيسيًا في أفول الدولة العثمانية، وحتى العرب الذين غالبيتهم مسلمين، وكانوا ينادون بضرورة اصلاح الدولة ونادوا باللامركزية مع استمرار خضوعهم للدولة العثمانية، ولكن كردة فعل للحركات القومية التركية التي نادت بسياسة التتريك، فقد تجاوب الزعماء العرب الاصلاحيون مع الدعوات التي تنادي بضرورة تأسيس دولة عربية مستقلة، وتمثل ذلك أخيرا في ثورة الشريف حسين عام 1916م.
اقرأ أيضًا: الدولة العثمانية ونشأتها
اقرأ أيضًا: الإنجازات الحضارية للدولة العثمانية
ثانيا: الحروب الخارجية
يمكن اعتبار الدولة العثمانية كفارس يقاتل على صهوة حصان لا ينزل الا ليستريح للمعركة التالية، فقد تكاثر الأعداء على الدولة العثمانية منذ تشكلها كدولة اثر سقوط دولة سلاجقة الروم، وتعاظم خطر الأعداء بعد فتح القسطنطينية وخضوع معظم البلاد العربية لحكم الدولة العثمانية واضطرت الدولة العثمانية لمواجهة القوى التالية أحيانا في وقت واحد: